حطام سفينة "إنديورانس" كما تم تصويره على عمق 3 كيلومترات في بحر ويدل. |
في أحد أروع الاكتشافات البحرية في التاريخ الحديث، أعلن فريق من المستكشفين عن عثورهم على حطام سفينة "إنديورانس" (Endurance)، السفينة الأسطورية للمستكشف البريطاني الشهير السير إرنست شاكلتون، بعد 107 أعوام من غرقها في مياه بحر "ويدل" المتجمدة بالقارة القطبية الجنوبية.
والأمر المذهل هو أن السفينة، التي كانت ترقد على عمق 3008 أمتار تحت سطح البحر، وُجدت في حالة حفظ شبه مثالية، وكأن الزمن قد توقف بها، مما أثار دهشة العلماء والمؤرخين حول العالم.
قصة الغرق والنجاة المستحيلة
تعود قصة "إنديورانس" إلى عام 1915، عندما انطلق السير إرنست شاكلتون وطاقمه المكون من 27 رجلاً في محاولة لعبور القارة القطبية الجنوبية براً لأول مرة. لكن السفينة حوصرت في الجليد البحري الكثيف ولم تتمكن من التحرك. وبعد أشهر من الحصار، بدأت كتل الجليد العملاقة في سحق هيكل السفينة الخشبي، مما أجبر شاكلتون وطاقمه على هجرها ومشاهدتها وهي تغرق ببطء في نوفمبر 1915.
وما تلا ذلك كان رحلة نجاة ملحمية تُعد من أعظم قصص الصمود في تاريخ الاستكشاف. نجا جميع أفراد الطاقم بعد أن قضوا شهوراً طويلة على الجليد العائم، ثم أبحروا في قوارب نجاة صغيرة لمسافة 1300 كيلومتر عبر المحيط المتجمد، ليصلوا في النهاية إلى بر الأمان دون فقدان أي رجل.
اكتشاف تاريخي بتقنيات حديثة
تمكنت بعثة "Endurance22" من تحديد موقع الحطام باستخدام غواصات آلية متطورة ومعدات مسح حديثة. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي تم التقاطها أن السفينة مستقرة في وضع مستقيم على قاع البحر، واسم "Endurance" لا يزال واضحاً تماماً على مؤخرتها.
وقال مينسون باوند، مدير الاستكشاف في البعثة: "هذا هو أفضل حطام سفينة خشبي رأيته في حياتي. إنه منتصب، وسليم، وفي حالة حفظ رائعة". ويعود الفضل في هذه الحالة المذهلة إلى درجات الحرارة شديدة البرودة وغياب الكائنات البحرية التي تتغذى على الخشب في هذا العمق السحيق.
مستقبل الحطام
وفقاً لمعاهدة أنتاركتيكا الدولية، سيتم ترك حطام سفينة "إنديورانس" في مكانه دون مساس، حيث يُعتبر الآن نصباً تاريخياً محمياً. سيتم فقط دراسته وتصويره ورسم خرائط له، ليبقى شاهداً على واحدة من أكثر قصص الشجاعة والصمود إلهاماً في تاريخ البشرية.