الواجهة الشمالية للهرم الأكبر، حيث تم اكتشاف الممر السري فوق المدخل الأصلي. |
في اكتشاف أثري هو الأول من نوعه منذ القرن التاسع عشر، أعلن فريق دولي من العلماء عن الكشف عن ممر سري غير مكتشف سابقاً داخل الهرم الأكبر "خوفو" بمنطقة أهرامات الجيزة، مما يفتح الباب أمام كشف المزيد من أسرار هذا الصرح العظيم في مصر.
وجاء الإعلان الرسمي في مؤتمر صحفي عالمي عُقد أمام الهرم، بحضور وزير السياحة والآثار المصري، الدكتور أحمد عيسى، وعالم الآثار الشهير الدكتور زاهي حواس، حيث تم الكشف عن تفاصيل هذا الإنجاز الذي تحقق بفضل مشروع "سكان بيراميدز" (ScanPyramids).
تقنيات حديثة تكشف ما وراء الحجارة
يعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى استخدام تقنيات علمية متطورة غير غازية، والتي تسمح للعلماء بـ "رؤية" ما بداخل الهرم دون الحاجة إلى الحفر أو إتلاف بنيته. استخدم المشروع مجموعة من التقنيات، أبرزها التصوير الإشعاعي للميونات الكونية، والتصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء، وتقنية المناظير الداخلية (Endoscope).
وقد تمكن الفريق من إدخال منظار صغير عبر إحدى فواصل الحجارة، وتصوير الممر من الداخل لأول مرة. وأظهرت الصور ممراً يبلغ طوله 9 أمتار وعرضه حوالي 2.1 متر، بسقف جملوني (مثلثي الشكل)، وهو يقع مباشرة فوق المدخل الأصلي للهرم.
ما هي وظيفة الممر السري؟
يثير اكتشاف الممر جدلاً واسعاً بين علماء الآثار حول وظيفته الحقيقية. يعتقد الدكتور زاهي حواس أن الوظيفة الأرجح لهذا الممر هي تخفيف الضغط الهائل الناتج عن الكتل الحجرية العملاقة فوق المدخل الرئيسي للهرم، وهي نظرية تدعمها طبيعة السقف الجملوني للممر، وهو تصميم هندسي معروف بقدرته على توزيع الأحمال.
في المقابل، يرى بعض الباحثين أن هذا الممر قد يقود إلى اكتشافات أخرى أكثر أهمية، مثل غرفة الدفن الحقيقية للملك خوفو، والتي لا تزال لغزاً لم يتم حله حتى اليوم. وأشار الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إلى أن أعمال المسح ستستمر لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيء خلف نهاية هذا الممر.
مشروع "سكان بيراميدز" مستمر
يعد هذا الاكتشاف هو الأحدث ضمن سلسلة من الاكتشافات التي حققها مشروع "سكان بيراميدز" منذ انطلاقه في عام 2015. وكان المشروع قد أعلن في عام 2017 عن وجود فراغ ضخم آخر داخل الهرم، يُعرف باسم "الفراغ الكبير" (Big Void)، ولا يزال العمل جارياً لفهم طبيعته ووظيفته.
ويؤكد هذا الكشف أن الهرم الأكبر، أحد عجائب الدنيا السبع القديمة، لا يزال يحتفظ بالكثير من أسراره التي تنتظر من يكشف عنها باستخدام أدوات العلم الحديث.