"ولنا في الخيال حب": حين تعيد السينما سحرها في مهرجان الجونة

في ليلة استثنائية ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، حصد الفيلم المصري "ولنا في الخيال… حب؟" تفاعلاً لافتاً وتصفيقاً حاراً استمر دقائق بعد عرضه الخاص، ليقدم تجربة سينمائية وصفت بأنها "تعيد للذائقة احترامها وللفن مكانته"، في عمل يمزج بين الدراما الرومانسية والموسيقى والفانتازيا،

قصة الفيلم: حب يتأرجح بين الواقع والخيال

تدور أحداث الفيلم، الذي أخرجته وكتبته سارة رزيق في أول تجاربها الروائية الطويلة، حول ثلاث شخصيات تتقاطع مصائرها في علاقة معقدة بين الحب والفقد والأمل،

• أستاذ جامعي (أحمد السعدني): يعيش في عالم من الخيال، منكراً موت زوجته التي رحلت قبل عشر سنوات، حيث يعيش مع دمية منحها ملامحها، يكلمها ويطهو لها، في محاولة يائسة لرأب صدع الفقد،
• طالبة معهد السينما "وردة" (مايان السيد): فتاة عملية وواقعية، تعيش قصة حب متعثرة مع حبيب طفولتها، وتلجأ إلى أستاذها لمساعدتها،
• طالب معهد الباليه "نوح" (عمر رزيق): شاب حالم وشاعري، يرى العالم أغنية، ويصطدم بواقعية حبيبته، مما يؤدي إلى فراقهما،

يتقاطع خط الحبيبين الشابين مع عالم الأستاذ المكلوم، فتبدأ لعبة الخيال الكبرى، حيث تقود رسائل موجهة إلى الدمية إلى كشف الأسرار، وتتصالح الأزمنة الثلاثة: الماضي الجريح الذي يمثله الأستاذ، والحاضر القلق الذي تمثله الفتاة، والمستقبل المندفع الذي يمثله الفتى،

الأبطال وصناع العمل: جيل جديد من المبدعين

يجمع الفيلم، الذي أنتجته شركة ريد ستار، نخبة من الفنانين من أجيال مختلفة، ويقدم وجوهاً جديدة واعدة،

وقد تم تصوير الفيلم في مواقع واقعية داخل أكاديمية الفنون ودار الأوبرا المصرية، مما أضفى على المشاهد طابعاً حقيقياً يعكس بيئة الشخصيات الفنية،

الاستعراضات: حين تصبح السينما قصيدة بصرية

يصل الفيلم إلى ذروة إبهاره في مشاهد الاستعراض الفانتازية التي جمعت الأبطال الثلاثة، حيث تحولت الموسيقى إلى جسور، والحركة إلى شفاء، والخيال إلى مساحة يتصالح فيها الواقع مع الحلم،

في أحد المشاهد، يتحول موتوسيكل يحمل العاشقين إلى طيران فوق السحاب، في لقطة تعلن أن الحب الحقيقي يتحرر من قيود المادة، وفي مشهد آخر، تجمع رقصة ثلاثية ختامية بين الأستاذ وتلميذيه، ليتصالح الماضي والحاضر والمستقبل على خشبة المسرح، وقد أشاد النقاد بأداء عمر رزيق في هذه المشاهد، الذي ذكّرهم بالفنان الشامل منير مراد،

إشادة نقدية واسعة

وصف النقاد الفيلم بأنه "يعيد للسينما سحرها الأول"، حيث الصورة قصيدة والموسيقى قدر جميل، وأشادوا بشكل خاص بأداء الفنان أحمد السعدني في تجسيد شخصية الأستاذ المفجوع، خاصة في مشهد انهياره حين يُفتضح سر الدمية، وهي اللحظة التي اعتبرها النقاد بمثابة اعترافه بموت زوجته بعد عشر سنوات، وقد انفجرت القاعة بالتصفيق خلال هذا المشهد تأثراً بصدق الأداء،

كما أثنى النقاد على جرأة المخرجة سارة رزيق في تقديم تجربة سينمائية مختلفة عن السائد، تعتمد على الإحساس أكثر من الحوار، وتخاطب العقل والروح معاً،

إطلالة مايان السيد: جمال يكمل الفن

على هامش الحدث، خطفت الفنانة مايان السيد الأنظار على السجادة الحمراء بإطلالة جمالية راقية، حيث اختارت مكياجاً ترابياً ناعماً (نيود) أبرز ملامحها الطبيعية، من توقيع خبيرة التجميل ريهام خليفة، وبلغت قيمته التقديرية نحو ٤٠ ألف جنيه مصري، مما أضاف لمسة من الأناقة إلى الحضور اللافت لنجوم الفيلم في المهرجان،

خلاصة التجربة

يُعد فيلم "ولنا في الخيال… حب؟" دليلاً على أن السينما المصرية لا تزال قادرة على أن تداوي وتدهش وتُنقذ، حيث يقدم عملاً فنياً متكاملاً لا ينتهي عرضه في القاعة، بل يبدأ من جديد داخل نفس المشاهد، ليثبت أن الفن حين يكون صادقاً، يصبح قادراً على لمس أوتار الروح الإنسانية العميقة، وهو ما يجعله من أبرز أخبار مهرجان الجونة السينمائي هذا العام،