بعيداً عن ضجيج المنافسة على اللقب أو صراع الهبوط، تخوض أندية الدوري الإنجليزي معركة استراتيجية قد تغير مستقبل البطولة إلى الأبد، حيث من المتوقع إجراء تصويت حاسم في شهر نوفمبر المقبل لإقرار قانون جديد لسقف الرواتب، وهو قانون يثير مخاوف الأندية الكبرى ويهدد بإعادة رسم خريطة القوة في عالم كرة القدم،
ما هو قانون سقف الرواتب الجديد؟
يسعى المقترح الجديد إلى تطبيق نظام سقف رواتب مرن يربط بين رقمين أساسيين، الأول يتعلق بإنفاق النادي من دخله الخاص، والثاني يربط هذا الإنفاق بأداء أضعف أندية الدوري،
- قاعدة الـ ٨٥٪: تمنع هذه القاعدة النادي من إنفاق أكثر من ٨٥٪ من إجمالي دخله على "تكلفة التشكيلة"، والتي تشمل رواتب اللاعبين، وقيمة الانتقالات مقسمة على عدد سنوات العقود، وعمولات وكلاء اللاعبين، وتكلفة الجهاز الفني بما فيهم المدرب،
- قاعدة الارتساء (Anchoring): وهي النقطة الأكثر جدلاً، حيث تربط الحد الأقصى لإنفاق أي نادٍ في الدوري بدخل النادي الذي يحتل المركز الأخير، وتحديداً بمضاعفة دخله المضمون (حقوق البث + الجائزة المالية) بخمسة أضعاف، فإذا كان دخل النادي الأخير ١١٠ ملايين جنيه استرليني، يُمنع أي نادٍ، مهما بلغت إيراداته، من إنفاق أكثر من ٥٥٠ مليون جنيه استرليني على تشكيلته،
ببساطة، سيُسمح لكل نادٍ بالإنفاق وفقاً للحد الأقل بين هاتين القاعدتين،
جدول توضيحي لآلية عمل القانون
لفهم الآلية بشكل أفضل، إليك مثال يوضح كيف سيؤثر القانون على نادٍ غني وآخر متوسط، بافتراض أن سقف "الارتساء" هو ٥٥٠ مليون جنيه استرليني،
البند | النادي الغني (مثال: مانشستر سيتي) | النادي المتوسط (مثال: أستون فيلا) |
---|---|---|
إجمالي الإيرادات (افتراضي) | ٧٥٠ مليون جنيه | ٤٠٠ مليون جنيه |
حد الـ ٨٥٪ من الإيرادات | ٦٣٧٫٥ مليون جنيه | ٣٤٠ مليون جنيه |
سقف الارتساء (الثابت للجميع) | ٥٥٠ مليون جنيه | ٥٥٠ مليون جنيه |
الإنفاق المسموح به (الحد الأدنى بين الرقمين) | ٥٥٠ مليون جنيه (مقيد بالارتساء) | ٣٤٠ مليون جنيه (مقيد بإيراداته) |
المعارضون والمؤيدون: معركة المصالح
ينقسم الدوري حالياً بين معسكرين، الأول تقوده الأندية الكبرى مثل مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، التي ترفض القانون صراحة وهددت باللجوء إلى القضاء، حيث صرح السير جيم راتكليف بأن الفكرة "سخيفة ومثيرة للسخرية"، وتتلخص حجة هذا المعسكر في أن القانون يقيد قدرتهم على النمو والمنافسة مع عمالقة أوروبا مثل ريال مدريد وبايرن ميونيخ، وقد يدفع نجومهم لرفض تجديد عقودهم بحثاً عن رواتب أعلى في الخارج،
أما المعسكر المؤيد، فيرى أن القانون يضمن الاستدامة المالية للأندية ويمنع انهيارها، ويجعل المنافسة في الدوري الإنجليزي أكثر عدلاً، كما أنه يمنع "سباق التسلح" غير الضروري في الصفقات، ويجبر الأندية على التخطيط المالي والرياضي بشكل أفضل،
التداعيات المتوقعة على مستقبل الدوري
في حال إقرار القانون، من المتوقع أن نشهد تغييرات جذرية في سلوك الأندية واستراتيجياتها،
تأثيرات إيجابية محتملة | تأثيرات سلبية محتملة |
---|---|
زيادة الاستثمار في الأكاديميات ورصد المواهب الشابة قبل شهرتها، | تراجع القدرة التنافسية للأندية الإنجليزية في سوق الانتقالات الأوروبية، |
تخطيط مالي ورياضي أكثر ذكاءً في بناء الفرق بدلاً من تكديس النجوم، | خسارة نجوم كبار لصالح أندية مثل ريال مدريد وباريس سان جيرمان، |
حفاظ الأندية المتوسطة على نجومها لفترة أطول، | تعقيد العقود مع اللاعبين ومحاولة تخفيض الرواتب، مما يثير حفيظة رابطة اللاعبين، |
زيادة صفقات التبادل بين الأندية لضبط الحسابات، | قد يظل الفارق كبيراً لأن الأندية الكبرى ستصل دائماً للحد الأقصى، |
المرحلة الانتقالية والعقوبات
حتى لو تم إقرار القانون، فمن غير المرجح تطبيقه فوراً، حيث أن معظم أندية الدوري الإنجليزي تخالفه حالياً، ويطالب الخبراء بفترة انتقالية لا تقل عن ثلاث سنوات، يتم خلالها توجيه الأندية لتصحيح أوضاعها دون فرض عقوبات، أما العقوبات المستقبلية فستبقى على الأرجح خصماً للنقاط وغرامات مالية، لكنها ستكون أكثر صرامة وسرعة في التطبيق،
خلاصة القصة
يهدف القانون الجديد إلى إعادة الهدوء إلى سوق انتقالات أصبح "غير واقعي" في تقدير قيم اللاعبين، وضمان عدم انهيار أندية تاريخية تحت وطأة الإنفاق المبالغ فيه، لكن الثمن قد يكون تراجعاً نسبياً في هيمنة أندية إنجلترا على سوق الانتقالات الأوروبية، ويبقى التصويت القادم في نوفمبر لحظة مفصلية ستحدد ما إذا كان الدوري الإنجليزي سيعطي الأولوية للاستدامة والتنافسية الداخلية، أم سيحافظ على قوته الشرائية الهائلة في مواجهة بقية أوروبا، وهو ما يتابعه كل مهتم بـ الاقتصاد الرياضي،