في ندوة حوارية مفتوحة ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، فتح المخرج الكبير شريف عرفة صندوق أسراره وكشف عن كواليس لم تُروَ من قبل حول واحد من أكثر أفلامه قرباً لقلوب الجمهور، "اضحك الصورة تطلع حلوة". بحضور نخبة من نجوم الفن، تحدث عرفة عن علاقته بالكاتب الراحل وحيد حامد، وطبيعة العمل مع عباقرة التمثيل مثل أحمد زكي وسناء جميل، وفجر مفاجأة مدوية حول حياة النجم الراحل أحمد زكي الشخصية.
فيلم بسيط وراءه ديون وأخوة
أوضح شريف عرفة أنه بعد سلسلة من الأفلام السياسية والفكرية الثقيلة مثل "المنسي" و"طيور الظلام"، شعر بحاجة ماسة لتقديم عمل مختلف. قال: "كنت محتاج أعمل فيلم بسيط وناعم يعيد البسمة، وفعلاً قلت للأستاذ وحيد حامد نفسي أعمل فيلم كده". فطلب منه وحيد حامد أن يعود إليه بعد 10 أيام، ليعود بفكرة الفيلم الذي أصبح أيقونة في السينما المصرية. لكن العلاقة بين عرفة وحامد لم تكن مجرد علاقة عمل، بل كانت أعمق من ذلك بكثير. كشف عرفة عن جانب إنساني مؤثر، قائلاً: "هو مش مجرد كاتب اشتغلت معاه، ده أخويا الكبير. وحيد حامد صاحب فضل كبير في حياتي، استلفت منه من سنة 1988 لسنة 1993 علشان أعرف أعيش". وأضاف أن حامد كان يسدد عنه ديونه في أوقات الأزمات بخصم المبالغ من أجره الخاص، في شهادة تعكس عمق العلاقة التي جمعتهما.
عبقرية أحمد زكي الفطرية وتكنيك سناء جميل
في شهادة فريدة عن أساليب التمثيل، قارن شريف عرفة بين طريقتي عمل عملاقين هما أحمد زكي وسناء جميل. وصف عرفة النجم الراحل أحمد زكي بأنه "موهبة صارمة، بلا تكنيك"، موضحاً: "زكي ممكن يعمل لقطة من أول مرة بعبقرية، بس ما يعرفش يكررها تاني. هو موهوب صرف، إحساسه بيقوده مش التكنيك". على النقيض تماماً، كانت الفنانة القديرة سناء جميل مثالاً للانضباط والتكنيك الاحترافي. استعاد عرفة مشهداً صعباً تطلب منها البكاء، وأعادت اللقطة أكثر من 13 مرة بنفس القوة وبنفس الأداء المتقن دون أي اعتراض. وعلق قائلاً: "كانت بتقدر تنزل دموعها في كل مرة بنفس القوة، وده مش تمثيل عادي، ده تمرين ومهارة نادرة".
مفاجأة مدوية: "أحمد زكي لم يكن أباً عظيماً في الحياة"
في الجزء الأكثر إثارة للجدل من حديثه، فجر شريف عرفة مفاجأة حول حياة أحمد زكي الشخصية، قائلاً: "أحمد زكي لم يكن أباً عظيماً في الحياة، اسمحولي إني أقول ذلك، عمره ما أخد ابنه للمدرسة في حياته". لكنه سرعان ما ربط هذا الواقع بقدرة زكي التمثيلية الخارقة، مستشهداً بمشهد مؤثر من الفيلم. وأوضح: "كان عنده مشهد في الفيلم بيوصل بنته منى زكي الكلية، وكان مبسوط وفخور وعمله أروع حاجة. المشهد ده ماكنش مجرد تمثيل، كان شعور حقيقي منه... الناس صدقت إحساسه، وده سر سحر التمثيل". هذه المفارقة بين الواقع والأداء كشفت عن قدرة زكي الفريدة على تقمص مشاعر لم يعشها بالضرورة في حياته الشخصية بنفس الطريقة.
اكتشاف وجوه جديدة وقدرة ليلى علوي على التحول
تطرق عرفة أيضاً إلى دوره في تقديم وجوه جديدة أصبحت فيما بعد من نجوم الصف الأول، حيث شهد فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" بدايات الفنانة منى زكي، التي كانت قد تعرضت لإصابة قبل التصوير، وكذلك الفنان كريم عبد العزيز الذي قدمه له المخرج مروان حامد ليعمل كمساعد مخرج في الفيلم. واختتم حديثه بالإشادة بقدرة بعض الممثلين على التحول الكامل أمام الكاميرا، ضارباً المثل بالفنانة ليلى علوي في فيلم "مهلبية". قال: "ليلى كانت بتتبدل قدام الكاميرا، من البنت البسيطة للسيدة الماكرة، وكان عندها قدرة إنها تبقى إنسانة تانية تماماً، وده جوهر التمثيل".